حكم قضائي يكشف "جحيماً إنسانياً" داخل مركز احتجاز مهاجرين في ميلانو
حكم قضائي يكشف "جحيماً إنسانياً" داخل مركز احتجاز مهاجرين في ميلانو
كشفت تسوية قضائية صادق عليها القضاء الإيطالي عن واحدة من أخطر قضايا سوء إدارة مراكز احتجاز المهاجرين في البلاد، بعدما وافق أليساندرو فلورينزا، المدير الإداري السابق لشركة "مارتينينا إس آر إل"، على عقوبة بالسجن لمدة عامين وثلاثة أشهر، في قضية احتيال وسوء معاملة داخل مركز احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم في مدينة ميلانو.
وجاء الحكم، الصادر في 22 ديسمبر الجاري، ليضع حداً لمسار قضائي أثار جدلاً واسعاً حول غياب الرقابة وانتهاك الكرامة الإنسانية داخل هذه المنشآت، بحسب ما ذكرت شبكة "مهاجر نيوز"، اليوم الخميس.
وأوضح قاضي الجلسات التمهيدية في ميلانو، فرانكو كانتو راينولدي، أن الاتفاق مع الادعاء العام يستند إلى معطيات خطيرة وثّقتها الشرطة المالية، التي وصفت الأوضاع داخل مركز شارع "كوريلي" بأنها “غير إنسانية” و”جهنمية”.
وفرض الحكم غرامة مالية على فلورينزا بقيمة ألفي يورو، إضافة إلى منع شركته من التعاقد مع الإدارات العامة لمدة عام وثمانية أشهر، وتغريمها 30 ألف يورو، في إشارة إلى جسامة الانتهاكات المرتكبة.
ظروف احتجاز كارثية
وثّقت التحقيقات شهادات وصوراً ومقاطع فيديو أظهرت انتشار الديدان، وتردّي النظافة في الغرف والحمّامات، وتقديم طعام ملوث بالطفيليات للمحتجزين، فضلاً عن غياب الرعاية الصحية الأساسية.
وأكدت أوراق المحكمة أن الشركة حققت أرباحاً مالية من إدارة المركز، من دون توفير الحد الأدنى من الخدمات التي تحفظ الكرامة البشرية، ما عرّض المهاجرين لمخاطر صحية ونفسية جسيمة.
قررت السلطات القضائية وضع المركز تحت إدارة قضائية منذ ديسمبر 2023، بعد مصادرة المنشأة وقائياً، قبل أن يُسند عقد إدارتها لاحقاً إلى شركة أخرى، في محاولة لاحتواء الفضيحة.
كما انضمت وزارة الداخلية الإيطالية، وأربعة مهاجرين، وعدة جمعيات حقوقية، من بينها "ناغا" و"أرتشي"، كمدعين بالحق المدني في القضية.
انتقادات حقوقية ومطالب بالإغلاق
اعتبر حقوقيون وممثلو منظمات المجتمع المدني في إيطاليا، أن الحكم يشكل سابقة قضائية مهمة، لكنه غير كافٍ لمعالجة الأزمة من جذورها.
وقال المحامي أوجينيو لوسكو، ممثل جمعية "ناغا"، إن هذه الإدانة تؤكد غياب الرقابة الفعلية على نظام الاحتجاز الإداري، محذراً من أن الانتهاكات ما زالت مستمرة في مراكز أخرى.
وشدد على ضرورة إنهاء هذا النموذج من الاحتجاز، وإعادة التفكير في سياسات الهجرة بعيداً عن المقاربات القمعية، حمايةً لحقوق الإنسان وكرامة المهاجرين.











